من التوكن القابل للاستبدال إلى NFT: رحلة فهم معايير التوكن على البلوكشين

عالم الكريبتو يشهد ثورة في تصورنا لملكية الأصول الرقمية. في حين أن البلوكتشين والعملات الرقمية غيرت القطاع المالي، فإن الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) والرموز القابلة للبيع التي يمكن استبدالها (SFT) تفتح آفاقًا جديدة تمامًا. لكن ما الذي يميزها حقًا؟

المفاهيم الأساسية: هل هي قابلة للاستبدال أم لا؟

قبل التعمق في التكنولوجيا، نحتاج إلى فهم مفهومين أساسيين. الاستبدالية (fungibility) تشير إلى القدرة على تبادل الأصول بشكل متساوٍ. تخيل أن لديك ورقة $1 ورقة أخرى لصديقك - يمكن تبادلهما تمامًا دون فقدان القيمة.

على العكس، عدم الاستبدالية (non-fungibility) تشير إلى التفرد. إذا كان لديك لوحة لبيكاسو وأنا لدي لوحة لفان جوخ، لا يمكننا ببساطة استبدالهما بنسبة 1-1 لأنها تختلف تمامًا في الخصائص.

العملات الورقية، العملات الرقمية، البيتكوين - كلها من نوع الاستبدال. يمكنك تبادل 1 بيتكوين ببيتكوين آخر من شخص آخر دون أي اختلاف. تظل القيمة ثابتة، بغض النظر عن مصدر البيتكوين.

NFT: الأصول الرقمية الفريدة

رمز غير قابل للاستبدال (NFT) يمثل ثورة في حماية جهود المبدعين. كل NFT هو أصل رقمي يحمل علامة فريدة على البلوكتشين، تثبت أنك تملكه وأنه أصلي.

من الأعمال الفنية الرقمية، الموسيقى MP3، إلى العقارات الافتراضية في الميتافيرس، أو العناصر الفريدة في ألعاب البلوكتشين - يمكن أن يمثل NFT أي شيء فريد. إنه مثل امتلاك شهادة إثبات أصالة لعمل فريد، لا يمكن لأحد آخر إعادة إنتاجه أو نسخه.

بدأت NFTs تجذب اهتمامًا كبيرًا في عام 2020، عندما بلغت مبيعاتها مليارات الدولارات. الآن، تدعم سلاسل كتل أخرى غير إيثيريوم - من سولانا إلى كاردانو - هذه NFTs أيضًا.

تاريخ NFT: من “Colored Coins” إلى الأعمال الفنية بملايين الدولارات

إذا كنت تعتقد أن NFT شيء حديث، فكر مرة أخرى. بدأت الفكرة في عام 2012، عندما قدم المبدع ميني روزنفيلد مفهوم “العملات الملونة” - وهي طريقة لإضافة معلومات إلى البيتكوين لمتابعة الأشياء الواقعية. على الرغم من قيود البيتكوين، أصبحت هذه الفكرة بمثابة سجل لما سيصبح NFT.

تحول حاسم حدث في عام 2014 عندما تم إصدار “Quantum” - شكل بكسل رباعي الأضلاع ملون يتغير. ثم في 2016، بدأت الميمات تُصدر كـNFT. لكن الانفجار الحقيقي حدث عندما أطلقت إيثيريوم معيار ERC-721 في 2017.

Cryptopunks، Cryptokitties - هذه المشاريع أطلقت حركة. في 2021، عندما بدأ المزادات الشهيرة ببيع أعمال NFT وبيع عمل لـBeeple بسعر قياسي، دخلت NFTs رسميًا إلى التيار الرئيسي.

SFT: الإبداع المرن

فما هو SFT؟ الرمز القابل للبيع (SFT) هو نوع غريب من الأصول الرقمية - يمكن أن يكون قابلاً للاستبدال وغير قابل للاستبدال، حسب السياق.

خذ مثال تذكرة لحضور حفلة موسيقية. قبل الحفل، يمكن استبدال تذكرتك - يمكنك تبادلها مع تذكرة أخرى لنفس المقعد. لكن بعد انتهاء الحفل، تصبح تلك التذكرة ذكرى فريدة لك - دليل على حضورك الحدث. لم تعد قابلة للاستبدال، لأن قيمتها الآن تعتمد على ندرتها وشعبية الحفل.

يُبنى SFT على معيار ERC-1155 من إيثيريوم، وهو معيار يسمح لعقد ذكي واحد بإدارة أنواع متعددة من الرموز في آن واحد. هذا أكثر كفاءة من إنشاء عقود منفصلة لكل نوع من الرموز.

معايير رموز إيثيريوم: مقارنة تفصيلية

ERC-721: المعيار الأصلي لـNFT

ERC-721 هو وجه NFT. يحدد كيفية عمل الرموز غير القابلة للاستبدال، مما يسمح لكل رمز بأن يكون له معرف فريد وبيانات وصفية خاصة. يفضله المطورون لقدرته على التوسع - يمكنك إضافة ميزات التحقق من المصدر وغيرها لجعل كل NFT فريدًا حقًا.

لكن هناك عيب كبير: محدودية التقنية. عقد ذكي ERC-721 يمكنه إرسال NFT واحد فقط في كل عملية. تريد إرسال 50 NFT؟ عليك إجراء 50 عملية منفصلة. هذا يسبب ازدحام شبكة إيثيريوم ويزيد من رسوم الغاز.

ERC-1155: معيار متعدد الرموز

لحل هذه المشكلة، ظهر معيار ERC-1155 - وهو معيار يجمع بين قوة كل من ERC-20 (رمز قابل للاستبدال) وERC-721. مع ERC-1155، يمكن لعقد ذكي واحد إدارة مجموعة من الرموز، وإرسال العديد منها دفعة واحدة. هذا يقلل من رسوم الغاز، ويخفف الازدحام، ويوفر تجربة تداول أكثر سلاسة.

وهنا يبرز SFT. من خلال السماح للرموز بالانتقال بين حالتي الاستبدال وعدم الاستبدال، يعالج SFT تحديات كلا النموذجين.

ERC-404: المعيار الجديد المثير للاهتمام

التطورات الأخيرة هي معيار ERC-404، وهو معيار جديد أنشأه المبدعون المجهولون “ctrl” و"Acme". يجمع ERC-404 بين خصائص ERC-20 وERC-721 للسماح للرموز بالعمل كوحدات قابلة للاستبدال في بعض الحالات وكـNFT فريدة في حالات أخرى.

له إمكانات هائلة - يمكن أن يزيد من سيولة NFT من خلال السماح بتداول أجزاء صغيرة منها. ومع ذلك، لم يخضع ERC-404 بعد لعملية اقتراح تحسين إيثيريوم (EIP) الرسمية، مما يثير مخاوف أمنية وخطر عمليات الاحتيال. بدأت مشاريع مثل Pandora وDeFrogs في اختبار هذا المعيار، مما يدل على تزايد الاهتمام بنماذج الرموز المختلطة.

أين يلمع SFT وNFT: التطبيقات العملية

يُستخدم NFT بشكل رئيسي في مجالات الألعاب، والفن، والموسيقى. أي أصل فريد يمكن أن يتحول إلى NFT - من اللوحات الرقمية إلى العناصر النادرة في الألعاب.

أما SFT، فهي تسيطر حاليًا على عالم ألعاب البلوكتشين. تخيل لعبة حيث تلتقط سلاحًا. في البداية، يعمل كرمز قابل للاستبدال - يمكنك بيعه، وتبادله، وتحويله إلى عملة داخل اللعبة. لكن عندما ترفع مستواه بما يكفي، يصبح أصلًا فريدًا لا يمكن استبداله. يمنح هذا المطورين مزيدًا من السيطرة على اقتصاد اللعبة مقارنة بألعاب MMO التقليدية، حيث التضخم من الخارج غير مسيطر عليه.

RWA: الاتجاه الجديد في SFT

مجال جديد يظهر هو ترميز الأصول الحقيقية (RWA). يوفر SFT نهجًا فريدًا هنا. تخيل ترميز عقار على البلوكتشين. في البداية، يمكن استبداله - حيث يشتري العديد من المستثمرين حصصًا. لكن بموجب شروط معينة (مثل بعد فترة من الاحتفاظ)، يصبح غير قابل للاستبدال، مما يحدد حقوقه أو حالته. يفتح هذا آفاقًا مالية مبتكرة جديدة.

الخاتمة: مستقبل الأصول الرقمية

ترميز الأصول لم يعد مجرد مستقبل - إنه الحاضر. NFTs، SFT، والمعايير الجديدة مثل ERC-404 تعيد تشكيل كيفية امتلاك، وتداول، وتقييم الأصول الرقمية.

بالنسبة للفنانين، والمبدعين، والموسيقيين، ومطوري ألعاب البلوكتشين، توفر هذه التقنيات طرقًا جديدة لكسب المال من جهودهم. وللمستخدمين والجامعين، فهي توفر ملكية وإدارة حقيقية للأصول.

قد يبدأ SFT في الألعاب، لكن تطبيقاته ستتوسع إلى ما هو أبعد من ذلك. مع استمرار تطور نظام البلوكتشين البيئي، سنرى ظهور أنواع من الرموز المختلطة في معظم الصناعات. من العقارات إلى التأمين، ومن إدارة سلاسل التوريد إلى أنظمة الولاء - الإمكانيات لا حصر لها.