
المكتبة في برمجة الحاسوب هي مجموعة من الشيفرات الجاهزة التي توفر وظائف وموارد قابلة لإعادة الاستخدام، صُممت لتبسيط عملية التطوير. يتيح ذلك للمبرمجين استدعاء هذه المكتبات دون الحاجة إلى كتابة جميع الوظائف من البداية، مما يعزز كفاءة التطوير وجودة الشيفرة. وتشمل المكتبات حزماً من طرف ثالث أو مكتبات قياسية مدمجة مع لغات البرمجة، وتشكل البنية التحتية الأساسية لتطوير البرمجيات الحديثة، ما يسمح للمطورين بالتركيز على منطق التطبيق بدلاً من التفاصيل التقنية منخفضة المستوى.
ظهر مفهوم المكتبات في المراحل الأولى من برمجة الحاسوب. ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كان المبرمجون يواجهون تحدي تكرار كتابة الشيفرة نفسها مراراً. ومع توسع البرمجيات، برزت الحاجة إلى إعادة استخدام الشيفرة، ما أدى إلى تطوير المكتبات.
كانت أولى المكتبات عبارة عن مجموعات من الدوال الفرعية للحسابات الرياضية والعلمية. ومع تطور لغات البرمجة، ظهر تدريجياً مفهوم المكتبات القياسية. وتعد مكتبة لغة C القياسية (مثل stdio.h) من أوائل المكتبات واسعة الانتشار، إذ وفرت واجهات موحدة للوظائف الأساسية مثل الإدخال والإخراج.
ومع ظهور البرمجة الكائنية التوجه، تنوعت أشكال المكتبات تدريجياً، وانتقلت من مجموعات دوال بسيطة إلى أصناف وأطر عمل معقدة. كما ساهم نمو حركة البرمجيات مفتوحة المصدر وظهور أنظمة إدارة الحزم (مثل npm و pip و Maven) في ازدهار المكتبات، وجعل مشاركة الشيفرة وإعادة استخدامها أكثر سهولة وفعالية.
تعتمد آلية عمل المكتبات على عدة جوانب رئيسية:
أنواع المكتبات
الاستيراد والاستخدام
إدارة الاعتماديات
عملية الربط
رغم التسهيلات الكبيرة التي توفرها المكتبات، إلا أن استخدامها يرافقه مجموعة من المخاطر والتحديات:
مخاطر الاعتماديات
اعتبارات الأداء
تكاليف التعلم والتكامل
القيود القانونية والترخيصية
تعد المكتبات مكونات أساسية في تطوير البرمجيات، حيث تعزز كفاءة التطوير، وتدعم توحيد الشيفرة، وتقلل من الأخطاء. ومن خلال الاستفادة من المكتبات الناضجة، يستطيع المطورون البناء على خبرات سابقة وتجنب إعادة اختراع العجلة. كما يسهم نظام المكتبات البيئي في تعزيز التعاون والابتكار في صناعة البرمجيات، مما يجعل تطوير التطبيقات المعقدة أكثر واقعية. ومع ذلك، فإن اختيار وإدارة الاعتماديات بحكمة يمثل مهارة جوهرية في هندسة البرمجيات، ويتطلب تحقيق توازن دقيق بين سهولة الاستخدام والتحكم.


