
تعني ممارسة "التنفيذ المسبق للصفقات" (Frontrunning) استغلال الوصول المسبق لمعلومات المعاملات القادمة من أجل تنفيذ صفقات قبل الآخرين وتحقيق أرباح مالية. وفي نظام البلوكشين، تظهر هذه الممارسة أساسًا في منصات التداول اللامركزية ومنصات الـ DeFi، حيث يراقب منفذو التنفيذ المسبق للصفقات مجمع المعاملات (mempool)، ويحددون الصفقات الكبيرة القادرة على التأثير في أسعار الأصول، ثم يدرجون معاملاتهم قبل تلك الصفقات للاستفادة من فرص المراجحة الآمنة. وبينما يعتبر التنفيذ المسبق للصفقات مخالفًا للقانون في الأسواق المالية التقليدية، فقد تحول في عالم البلوكشين اللامركزي إلى استراتيجية مراجحة شائعة ومثيرة للجدل نتيجة غياب التنظيمات الواضحة والخصائص التقنية الفريدة.
التنفيذ المسبق للصفقات يؤثر على سوق العملات الرقمية بعدة جوانب:
على مستوى المستخدمين، يواجه المتداولون العاديون انزلاقًا أكبر في الأسعار ورسوم معاملات أعلى بفعل هذه الممارسة، مما ينعكس سلبًا على تجربة التداول، خاصة على الشبكات صاحبة رسوم الغاز المرتفعة مثل Ethereum، حيث قد يُضطر المستخدمون لدفع رسوم تتجاوز قيمة العملية نفسها لضمان تنفيذها.
على مستوى البروتوكول، أثار التنفيذ المسبق للصفقات إشكالات تتعلق بالعدالة، إذ يتحدى مبادئ شفافية البلوكشين، مما دفع العديد من بروتوكولات الـ DeFi لتطبيق تقنيات مضادة مثل آليات الالتزام والكشف، والمزادات المجدولة، وحلول حماية خصوصية المعاملات.
على مستوى الشبكة، تؤدي أنشطة التنفيذ المسبق للصفقات إلى ازدحام شبكات البلوكشين، وارتفاع رسوم الغاز بشكل عام، الأمر الذي يؤثر على سهولة الاستخدام والوصول للبلوكشين، خاصة للمتداولين أصحاب العمليات الصغيرة.
يتضمن الانخراط في التنفيذ المسبق للصفقات أو مواجهته عدة مخاطر وتحديات:
التنفيذ المسبق للصفقات يُعد وجهًا مزدوجًا في شفافية معاملات البلوكشين؛ فبينما يُعتبر سلوكًا مشروعًا من الناحية التقنية ضمن آليات المعاملات، يثير تساؤلات أخلاقية واستدامة من منظور السوق العادل. ومع استمرار تطور تقنية البلوكشين، ستظهر حلول متقدمة لمكافحة التنفيذ المسبق للصفقات، لخلق بيئة تداول لامركزية أكثر عدالة وكفاءة.


